سورة الأنفال - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنفال)


        


أمرهم بمقاتلة الكفار والإبلاغ فيها حتى تُسْتأصل شأفتُهم بحيث يأَمَن المسلمون مَضَرَّتَهم، ويكفَونُ بالكلية فتنتهم.. وحَيَّةُ الوادي لا تُؤْمَنُ ما دامت تبقى فيها حركة؛ كذلك العدو إذا قُهِر فحقُّه أن تُقْتلعَ جميعُ عروقه، وتُنَقَّى رِبَاعُ الإسلام من كل شكيرة تنبت من الشرك.


فإن أَبَوْا عُتُوَّا، وعن الإيمان إلا نُبُوَّأ، فَلاَ على قلوبكم ظِلُّ مخافةٍ منهم؛ فإن اللهَ- سبحانه- وليُّ نصرتكم، ومتولِّي كفايتكم؛ إنْ لم تكونوا بحيث نِعْمَ العبيد فهو نِعْم المولى لكم ونِعْمَ الناصر لكم.
ويقال نِعمَ المولى لكم يوم قسمة العرفان، ونِعْم الناصرُ لكم يوم نعمة الغفران ويقال نِعْم المولى لك حين لم تكن، ونِعْمَ الناصر لك حين كنتَ.
ويقال نعم المولى بالتعريف قَبْلَ التكليف، ونِعْم الناصر لكم بالتخفيف والتضعيف؛ يُخَفِّفُ عنكم السيئات ويضاعف الحسنات:
وهواكِ أولُ ما عَرَفْتُ مِنَ الهوى *** والقلبُ لا ينسى الحبيبَ الأَوَّلا


الغنيمةُ ما أخذه المؤمنون من أموال الكفار إذا ظَفِروا عند المجاهدة والقتال معهم. فإذا لم يكن قتال- أو ما في معناه- فهو فَيْءٌ.
والجهاد قسمان: جهاد الظاهر مع الكفار، وجهاد الباطن مع النَّفْس والشيطان وهو الجهاد الأكبر- كما في الخبر.
وكما أن في الجهاد الأصغر غنيمةً عند الظَّفَرِ، ففي الجهاد الأكبر غنيمة، وهو يملك العبدُ نَفْسَه التي كانت في يد العدو: الهوى والشيطان. فبعد ما كانت ظواهرُه مقَرًّا للأعمال الذميمة، وباطنُه مستقراً للأحوال الدَّنِيَّة يصير محلُّ الهوى مَسْكَنَ الرِّضا، ومَقَرُّ الشهواتِ والمُنَى مُسَلَّماً لِمَا يَرِدُ عليه من مطالبات المولى، وتصير النَّفْسُ مُسْتَلَبةً مِنْ أَسْرِ الشهوات، والقلبُ مُخْتَطَفاً من وصف الغفلات، والرُّوحُ مُنْتَزَعَةٌ من أيدي العلاقات، والسِّرُّ مصُونًا عن الملاحظات. وتصبح غاغةُ النَّفْسِ مُنْهَزِمةً، ورياسةُ الحقوقِ بالاستجابة لله خافِقةً.
وكما أن من جملة الغنيمة سَهْماً لله وللرسول، وهو الخُمْسُ فمما هو غنيمة- على لسان الإشارة- سهمٌ خالِصٌ لله؛ وهو ما لا يكون للعبد فيه نصيب، لا من كرائم العُقْبى، ولا من ثمرات التقريب، ولا من خصائص الإقبال، فيكون العبدُ عند ذلك مُحَرَّراً عن رِقِّ كل نصيب، خالصاً لله بالله، كما قيل:
مَنْ لم يكن بِك فانياً عن حظِّه *** وعن الهوى والإنْس والأحبابِ
فكأنه- بين المراتب- واقِفٌ *** لمنَالِ حظٍّ أو لِحُسْنِ ثواب

8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15